قال حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، إن البنك دعم وحفز التكنولوجيا المالية في القطاع المصرفي والمالي، فأطلق استراتيجية واعدة للتكنولوجيا المالية والابتكار تستهدف تحويل مصر لمركز إقليمي لصناعة التكنولوجيا المالية في أفريقيا والشرق الأوسط.
وأضاف المحافظ، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر والمعرض الدولي للمدفوعات الرقمية والشمول المالي الرقمي العاشر PAFIX، في كلمة ألقاها نيابةً عنه رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزي، أن هذه الاستراتيجية ساهمت في تضاعف عدد الشركات العاملة في الصناعة 5 مرات من 32 شركة عام 2017 إلى 177 شركة عام 2022، وجذبت ما يقارب 800 مليون دولار عام 2022.
وذكر أن البنك شارك بفاعلية في العديد من النسخ السابقة لهذا المؤتمر، وهو ما يعكس توافق الرؤى والأهداف فيما يتعلق بالموضوعات التي يتم تناولها، والتي تركز بشكل رئيسي هذا العام على مجالات التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية والشمول المالي الرقمي، وهي ضمن المجالات ذات الأولوية للبنك المركزي نظرًا لتأثيرها الكبير والمباشر على الاقتصاد القومي وتيسير حياة المواطنين.
وقال إن أحد أهم الموضوعات الرئيسية التي تناقشها جلسات المؤتمر هي التكنولوجيا المالية وما تشهده من طفرة كبيرة، تنعكس آثارها على كافة مناحي الحياة، وتحفزنا جميعًا لمواصلة الجهود وملاحقة التغيرات المتعاقبة في هذا المجال الهام، تحقيقًا لرؤية مصر2030، وأهدافها المتعلقة بالشمول المالي والتنمية المستدامة.
وأكد أبو النجا حرص البنك المركزي المصري على مواكبة كل ما هو جديد في التكنولوجيا المالية، باعتبارها ضرورة يفرضها التزام البنك بتحقيق أهدافه للحفاظ على الاستقرار النقدي وتعزيز الشمول المالي، وذلك عبر رؤية تقوم على دعم إطلاق المزيد من تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة وإتاحتها للعملاء للاستفادة منها، على النحو الذي يسهم في تحقيق التحول الرقمي المستهدف، والدفع بجهود الوصول للتنمية المستدامة.
وذلك بالتوازي مع تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية لدعم وتحفيز التحول الرقمي، من خلال تخصيص فصل كامل يختص بتشريعات نظم وخدمات الدفع الإلكترونية والتكنولوجيا المالية بقانون البنك المركزي والقطاع المصرفي رقم 194 لسنة 2020.
ولفت أن جهود البنك المركزي امتدت لتحفيز التحول إلى البنوك الرقمية، حيث أصدر قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، والتي تمهد لظهور جيل جديد من الخدمات المصرفية الرقمية داخل السوق المصري، تقدمها البنوك لعملائها بشكل رقمي بالكامل دون الحاجة لوجود فروع، مما يعزز قدرة هذه البنوك على الوصول إلى المزيد من العملاء، كما عمل البنك المركزي على التعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية لإصدار قانون تنظيم أنشطة التمويل البديل.
وأضاف أن البنك المركزي أطلق العديد من المبادرات التي تهدف إلى دعم تطبيقات التكنولوجيا المالية الناشئة في جميع مراحلها المختلفة، بدءًا من الفكرة حتى الإطلاق، كما اهتم برعاية كوادر التكنولوجيا المالية الشابة حيث أطلق مبادرة FinYology والتي قامت بتدريب ما يقرب من 7000 طالب جامعي بالتعاون مع 25 جامعة حكومية وخاصة، بمشاركة 18 بنك من البنوك العاملة في مصر، بالإضافة إلي مبادرة FINTEKRS لدعم رواد التكنولوجيا المالية بالأقاليم، فضلا عن إطلاق المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية كبيئة اختبارية تسمح لراود الأعمال بتجريب تطبيقاتهم المبتكرة.
ونوه أن البنك المركزي أواى أهمية كبيرة لتطوير البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية داخل جمهورية مصر العربية، حيث نجح في إطلاق منظومة ميزة ديجتال لمحافظ الهاتف المحمول عام 2017 ليصل عدد المحافظ إلى أكثر من 36 مليون محفظة وكذلك منظومة الدفع الوطنية للبطاقات “ميزة” في ديسمبر عام 2018، والتي ساهمت في زيادة أعداد بطاقات الدفع الالكترونية إلى أكثر من 62 مليون بطاقة بالسوق المصري.
وجاء إطلاق المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية “IPN” وتطبيق إنستا باي في مارس لعام 2022 لتصبح من أهم دعائم البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية والتي يستند إليها البنك المركزي المصري في التحول لمجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد، حيث بلغ عدد عملاء تطبيق إنستا باي أكثر من 6.2 مليون عميل، وأسفرت جهود البنك المركزي لتحفيز التوسع في وسائل الدفع الإلكتروني عن زيادة كبيرة في أعداد نقاط البيع الإلكترونية إلى أكثر من مليون و200 ألف نقطة بيع وأعداد ماكينات الصراف الآلي إلى أكثر من 23 ألف ماكينة.
كما أطلق البنك أيضًا القواعد المنظمة لخدمات ترميز البطاقات على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية في فبراير لعام 2023 والذي بدوره سيسمح بتفعيل خدمات العديد من الشركات الدولية مثل (أبل باي – سامسونج باي -.. إلخ) وكذا شركات التكنولوجيا المالية والذي بدوره سيؤدي الى خلق فرص هائلة لتقديم حلول مبتكرة تتوافق مع متطلبات العملاء.
وامتدت جهود البنك المركزي لتطوير البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية لتشمل العديد من المشروعات الواعدة التي يعمل عليها البنك حاليًا، وفي مقدمتها مشروع التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا (EKYC) والتي ستمكن العملاء من فتح الحسابات والتصديق على المعاملات إلكترونيًا مما سيساهم بصورة كبيرة في تحقيق الشمول المالي وتهيئة البنية التحتية المتطورة للشركات مقدمي خدمات الدفع الإلكترونية (PSP’s) والتي ستساعدهم في تقديم الخدمات المبتكرة المتطورة للعملاء.
وتماشيًا مع استراتيجية التحول الرقمي للبنك المركزي، والتطورات المتسارعة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يولي البنك أهمية متزايدة بالأمن السيبراني من خلال تبني رؤية متكاملة لتعزيز قدرة البنية التحتية المصرفية وتوفير بيئة إلكترونية آمنة تستوعب خطط الدولة للتحول الرقمي والشمول المالي.
وأشار أبو النجا، أن البنك المركزي قام بإنشاء قطاع مستقل للأمن السيبراني، يحتوي على أول مركز قطاعي للاستجابة والتنبؤ المبكر لطوارئ الحاسب الآلي في القطاع المالي، كما كان له السبق في تطوير وإصدار أول إطار تنظيمي للأمن السيبراني، ترتكز عليه البنوك والمؤسسات المالية في إجراء تقييم ذاتي لمستوى الجاهزية السيبرانية ومدى توافر الضوابط والمعايير الأمنية الكافية، والتأكد من مطابقة كافة تطبيقات التكنولوجيا المالية والحلول التقنية لمعايير الأمن السيبراني القياسية قبل طرحها للعمل في الأسواق.
وقال إن التطور الذي تشهده التكنولوجيا المالية والتطبيقات المبتكرة للدفع الإلكتروني، تنعكس إيجابيًا على الشمول المالي، وتعزز فرص نمو المشروعات الناشئة ومتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، حيث أصدر البنك المركزي حزمة من المبادرات والإجراءات لدعم ومساندة هذه الفئة من المشروعات وتيسير إجراءات حصولها على التمويل مما أدي الي تحقيق طفرة في حجم التمويلات الموجهة من القطاع المصرفي لتلك المشروعات بمعدل نمو بلغ 350% في الفترة من يناير 2016 وحتى يونيو 2023.
وأكد أن البنك المركزي عمل على تقديم الدعم الفني والخدمات غير المالية والاستشارية لرواد الاعمال وأصحاب المشروعات الناشئة ومتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرة رواد النيل التي أطلقها البنك عام 2019 بالشراكة مع القطاع المصرفي وعدد من الجامعات والجهات المحلية والدولية بهدف تهيئة البيئة الداعمة من خلال تقديم حزمة متنوعة من برامج الدعم الفني والخدمات غير المالية والاستشارية، والتي تتضمن برامج تطوير الأعمال والاحتضان والتحول الرقمي ودعم الابتكار بما يسهم في نمو تلك المشروعات ورفع تنافسيتها وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
ونوه أن مبادرة رواد النيل أسفرت عن تقديم أكثر من 386 ألف خدمة غير مالية واستشارية لأكثر من 153 ألف عميل ومشروع وتسهيل منح تمويلات بأكثر من 4,7 مليار جنيه من خلال 81 مركز خدمات تطوير أعمال تغطي 23 محافظة من محافظات الجمهورية، هذا بالإضافة الي دعم أكثر من ألف شركة ناشئة وصغيرة ومتوسطة من خلال برامج الاحتضان والتحول الرقمي ودعم الابتكار مما ساهم في خلق أكثر من 55 ألف فرصة عمل بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال البرامج المختلفة للمبادرة.
وجاء الاهتمام بتطوير البنية التحتية والمنظومة التكنولوجية، كمحور أساسي في استراتيجية الشمول المالي 2022-2025 بما يتوافق مع الممارسات العالمية وأهداف التنمية المستدامة من حيث الحد من الفقر، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، والحد من عدم المساواة لكافة الفئات، بالإضافة الى التمكين الاقتصادي للمرأة، حيث يلعب التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية دورًا أساسيًا في تيسير حصول الفئات المستهدفة على المنتجات والخدمات الرقمية بشكل أسرع وبتكلفة ابسط، وذلك بالتوازي مع جهود التوعية والتثقيف المالي والتي تشكل أهمية كبيرة بالنظام المالي، حيث يعمل البنك المركزي حاليًا على التنسيق بين جميع الجهات ذات الصلة بالدولة على صياغة واطلاق الاستراتيجية الوطنية للتثقيف المالي، وذلك بغرض توحيد الجهود وزيادة الوعى المالي لدى المواطنين .
وأوضح أن البنك المركزي عمل على تيسير حصول ذوي الهمم على الخدمات والمنتجات البنكية من خلال تهيئة البنية التحتية للفروع وماكينات الصراف الالي، بجانب إصدار تعليمات لدمج الشباب من عمر 16 سنة فأكثر بالقطاع المصرفي والاستفادة من الخدمات والمنتجات المصرفية التي تم تطويرها لتلبي احتياجات هذه الفئة، وتشجيع ريادة الأعمال وأصحاب الحرف والمهن الحرة على التعامل مع البنوك من خلال توفير حساب النشاط الاقتصادي بإجراءات مبسطة، ونتيجة لكل هذه الجهود بلغ معدل الشمول المالي في يونيو 2023 نحو 68% من إجمالي المواطنين من عمر 16 سنة فأكثر بنسبة نمو 163% مقارنة بعام 2016.
وأكد أن البنك المركزي المصري سيستمر في العمل بكل قوة لتعزيز جهوده الرامية لدعم التحول الرقمي، والتوسع في استخدامات التكنولوجيا المالية ونظم الدفع الرقمية، باعتبارها أدوات فاعلة في مواجهة هذه التحديات، جنبًا إلى جنب مع جهوده للحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي.