قبل أشهر من انعقاد قمة مجموعة بريكس روجت وسائل إعلام روسية لقرب إطلاق "عملة موحدة" للمجموعة، في خطوة تستهدف الحد من هيمنة العملة الأمريكية الدولار على التعاملات الاقتصادية العالمية.
وتستضيف روسيا قمة مجموعة "بريكس" في مدينة قازان من الثلاثاء وحتى اليوم الخميس، بمشاركة 36 دولة، وحضور 24 رئيس دولة وحكومة، إذ شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي لأول مرة بعد انضمام مصر للمجموعة.
وشهدت "بريكس" في العام الجاري توسعًا كبيرًا مع انضمام كل من السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والإمارات إلى المجموعة، إلى جانب كل الدول المؤسسة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا والتي تشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من 26% من الاقتصاد العالمي.
- متى ظهر مقترح العملة الموحدة للبريكس؟
قبل اجتماع قمة بريكس في أغسطس من العام الماضي 2023 اقترح الرئيس البرازيلي إصدار عملة موحدة للمجموعة بهدف وقف الاعتماد على الدولار الأميركي، والإعلاء من شأن العملات الوطنية للدول الأعضاء في المجموعة.
جاء المقترح في إطار اتجاه مجموعة "بريكس" إلى توسيع المدفوعات غير المرتبطة بالدولار، والتخلي عن منظومة "سويفت" التي تسيطر عليها الولايات المتحدة.
وتتضمن خطط المجموعة إنشاء نظام دفع دولي "بريكس باي" يستند على تقنية "بلوك تشين" أي على أساس أصول رقمية.
لم يدخل اقتراح العملة الموحدة مناقشات قمة العام الماضي، فيما ظل الحلم يراود عددًا من الدول وعلى رأسها روسيا.
- منصة لتنفيذ التسويات التجارية أم عملة موحدة؟
في فبراير 2024 كشف وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف عن مقترح يتضمن إنشاء منصة لتنفيذ التسويات التجارية بين الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس".
وقال سيلوانوف في حديث لـRT أن المقترح لا يتضمن إصدار عملة موحدة لمجموعة "بريكس" ولكن الهدف أن تكون العملة المستخدمة في المبادلات التجارية للدول الأعضاء عملة مستقرة وموثوقة لا تستخدم كأداة تقييد من قبل أي طرف، ولذا يدعو لاستخدام العملات الوطنية في التجارة بين الدول الأعضاء.
وأوضح: "المجموعة تطور مقترحا حول إنشاء وسيلة دفع بناء على العملات الرقمية الموجودة في دولنا، مثل الروبل الرقمي أو اليوان الصيني أو الدرهم الإماراتي، وذلك للابتعاد عن البنية التحتية المالية لدول الغرب، وعن البنوك المركزية في هذه الدول ومنظومة الدفع سويفت".
وأضاف أن "المنصة ستكون في البداية مثابة أداة لتبادل الأصول المالية، ومن ثم يمكن على أساسها تأسيس مركز مقاصة خاص بدول بريكس".
دول "بريكس" ليست جاهزة للعملة الموحدة
وفي إبريل 2024، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن فكرة إصدار عملة موحدة لمجموعة "بريكس" لم يتم إلغائها، لكن تنفيذها مرتبط بجوانب محددة، مثل إنشاء بنك مركزي لإصدار العملة ودراسة سعر الفائدة لبنوك الدول الأعضاء.
وأكد ريابكوف في تصريحات له أن مجموعة "بريكس" ليست جاهزة لإصدار عملة موحدة، لكن ذلك لا يعني أن الفكرة قد ألغيت.
بوتين يُمسك بعملة "رمزية" في قمة روسيا
خلال قمة بريكس في روسيا، أمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بورقة نقدية رمزية تحاكي عملة "بريكس"، تشير رسومها إلى العمل المشترك في إطار المجموعة، وقد أبدى بوتين إعجابه الشديد بها.
وقال السكرتير الصحفي للكرملين دميتري بيسكوف، أن الرئيس بوتين اطلع على الورقة في قمة المجموعة أمس، موضحا أنها ورقة تحمل معنى رمزيًا يشير إلى "العمل المشترك الذي يتم تنفيذه في إطار "بريكس" وقد طبعتها جهة روسية إما غرفة التجارة والصناعة أو جهة أخرى.
وأصدرت قمة "بريكس" تعليمات لوزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في دول المجموعة بمواصلة بحث مسألة زيادة استخدام العملات الوطنية في التجارة البينية وأدوات الدفع والمنصات الإلكترونية المستقلة عن "سويفت".
ودعا قادة دول المجموعة إلى تعزيز شبكات بنوك المراسلة بين دول المجموعة، ورحبوا باستخدام العملات الوطنية في التعاملات المالية بين دول المجموعة وشركائها التجاريين. بحسب روسيا اليوم.
قمة روسيا ومنصة مدفوعات "بريكس"
في قمة بريكس 2024، تقدمت روسيا بمقترح إنشاء نظام جديد للمدفوعات أو منصة مدفوعات تكون بديلاً لنظام "السويفت" لتخرج الدول الأعضاء من الضغوط الأمريكية والغربية في المعاملات الاقتصادية.
وبحسب تقرير أعدته وزارة المالية الروسية وبنك روسيا المركزي، يشمل المقترح الروسي بناء شبكة من البنوك التجارية يمكنها إجراء المعاملات التجارية بالعملات المحلية للدول الأعضاء ضمن تحالف بريكس، وإنشاء روابط مباشرة بين البنوك المركزية للمجموعة.
ما هو نظام سويفت؟
يعرف البنك المركزي المصري نظام سويفت (SWIFT) بأنه جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك ولاتهدف للربح. وهي مملوكة للأعضاء، وتقوم بتقديم خدمة على مستوى عال من الكفاءة وبتكلفة مناسبة.
ونشأت فكرة نظام سويفت مع تطور التجارة العالمية في نهاية الستينيات من القرن الماضي. وتأسست جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك سويفت عام 1973 وبدأ نشاطها عام 1977 وهي تتخذ من مدينة بروكسل في بلجيكا مقراً رئيسياً لها.
ويبلغ عدد الدول المشتركة في النظام أكثر من 209 دولة، من بينها معظم الدول العربية، ويزيد عدد المؤسسات المالية المشتركة فيها على 9000 مؤسسة.
وطبقًا للوائح نظام سويفت، يجب اشتراك الدولة اولاً قبل السماح لمؤسساتها بالاشتراك، وقد اشتركت مصر عام 1994، ويزيد عدد المشتركين في مصر على 55 مؤسسة مالية.