نمو الاقتصاد العالمي ومسار التضخم في مصر يحاصرهما التوترات الجيوسياسية واحتمال عودة السياسات التجارية الحمائية
كشف البنك المركزي المصري عن أسباب قراره باستمرار تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة للمرة الخامسة على التوالي، بعد آخر ارتفاع شهدته في مارس الماضي بالتزامن مع تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية.
وثبتت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي، اليوم الخميس، أسعار الفائدة عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض و27.75% لسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي وسعر الائتمان والخصم، مسايرة توقعات الخبراء والمؤسسات المالية.
وبلغ إجمالي الاتفاع في أسعار الفائدة بمصر 19% منذ أن بدأت اللجنة سياسة التشديد النقدي في مارس 2022، بواقع 300 نقطة أساس في 2022، و800 نقطة أساس في 2023، ثم 800 نقطة أساس في 2024.
وتستند اللجنة في استمرار الفائدة المرتفعة إلى آخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي.
وقالت إن السياسات النقدية التقييدية التي انتهجتها اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة ساهمت في انخفاض التضخم عالميا، وعليه اتجهت بعض البنوك المركزية إلى خفض أسعار العائد تدريجيا، مع الإبقاء على المسار النزولي للتضخم للوصول به إلى مستوياته المستهدفة.
مخاطر تحيط بنمو الاقتصاد العالمي
وأضافت أنه بينما يتسم معدل النمو الاقتصادي العالمي باستقراره إلى حد كبير، فإن آفاقه لا تزال عُرضة لبعض المخاطر ومنها تأثير السياسات النقدية التقييدية على نمو النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية.
وذكرت أنه على الرغم من زيادة التوقعات بانخفاض الأسعار العالمية للسلع الأساسية، خاصة الطاقة، فإن المخاطر الصعودية المحيطة بالتضخم لا تزال قائمة، حيث تظل أسعار السلع الأساسية عُرضة لصدمات العرض مثل الاضطرابات العالمية وسوء أحوال الطقس. بحسب اللجنة.
التضخم ونمو الاقتصاد في مصر
قالت اللجنة إن المؤشرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 توضح نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بوتيرة أسرع من 2.4% المسجلة خلال الربع الثاني من العام نفسه.
وأضافت أن توقعات النشاط الاقتصادي للربع الرابع من عام 2024 تشير إلى استمرار اتجاهه الصعودي، وإن لم يحقق طاقته القصوى بعد، مما يدعم المسار النزولي للتضخم على المدى القصير، ومن المتوقع أن يتعافى بحلول السنة المالية 2024/2025.
وفيما يتعلق بمعدل البطالة، فقد شهد ارتفاعا طفيفا إلى 6.7% خلال الربع الثالث من عام 2024 مقابل 6.5% خلال الربع الثاني من العام نفسه، حيث إن وتيرة توفير فرص العمل لم تواكب معدلات نمو الوافدين على سوق العمل.
وأوضحت أن التضخم السنوي العام ظل مستقرا إلى حد كبير للشهر الثالث على التوالي، عند 26.5% في أكتوبر 2024، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إداريا مثل غاز البترول المُسال (أسطوانات البوتاجاز) والأدوية.
وأشارت إلى أن هذا يأتي متسقا مع انخفاض التضخم الأساسي السنوي بشكل طفيف إلى 24.4% في أكتوبر 2024 مقابل 25.0% في سبتمبر 2024، وكذلك مع تراجع التضخم السنوي للسلع الغذائية، والذي بلغ 27.3% في أكتوبر 2024، وهو أدنى معدل له منذ عامين.
وأكدت اللجنة أن هذه النتائج تشير جنبا إلى جنب مع تباطؤ وتيرة معدلات التضخم الشهرية إلى تحسن توقعات التضخم واستمراره في المسار الهبوطي، رغم تأثره بإجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.
مخاطر صعودية للتضخم في مصر
أكدت لجنة السياسة النقدية أن التوقعات تشير إلى استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى نهاية عام 2024 وإن كانت تحيط به بعض المخاطر الصعودية، ومنها استمرار التوترات الجيوسياسية، وبوادر عودة السياسات الحمائية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.
وأكدت اللجنة أنه مع ذلك، فمن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس. بحسب اللجنة.
ترقب التطورات الاقتصادية
وفي ضوء التطورات على المستويين المحلي والعالمي، رأت اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد مناسبا إلى أن يتحقق انخفاض ملموس ومستدام في معدل التضخم.
وأشارت اللجنة إلى أنها ستواصل اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي المناسبة، وذلك بناء على تقديرها لتوقعات التضخم وتطور معدلات التضخم الشهرية وفعالية آلية انتقال السياسة النقدية.
وذكرت أنها ستواصل أيضا متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها على التوقعات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لديها لكبح جماح التضخم.