ذهبت أغلب توقعات الخبراء المصرفيين والمحليين الماليين إلى أن البنك المركزي المركزي سيبقي على مستويات الفائدة الراهنة، كهدنة تهدف إلى السيطرة على مستويات التضخم التي يشهدها السوق.
وأشار المحللون إلى وجود عدة عوامل تدفع لجنة السياسية النقدية للبنك المركزي للإبقاء على أسعار الفائدة، أبرزها التوترات الجيوسياسة التي تشهدها المنطقة، إضافة إلى اتجاه الدولة إلى خفض الدعم، وارتفاع المشتقات البترولية، لاسيما أن المركزي يسعى للحفاظ على الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أدوات الدين.
وتعقد لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي اجتماعها الدوري اليوم الخميس 17 أكتوبر لبحث أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.
وقررت اللجنة في اجتماعها الأخير الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
ويأتي الاجتماع هذه المرة بالتزامن مع تراجع معدل التغير الشهرى فى الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، الذى يعده البنك المركزي، والذي سجل 1% فى سبتمبر 2024 مقابل 1.1% فى سبتمبر 2023 و0.9% فى أغسطس 2024، فيما سجل معدل التضخم الأساسى 25% فى سبتمبر 2024 مقابل 25.1% فى أغسطس 2024.
وسجل معدل التضخم العام للحضر 26.4% فى سبتمبر 2024 مقابل 26.2% فى أغسطس 2024.
ورفع البنك المركزي الفائدة بمعدل 800 نقطة أساس منذ بداية عام 2024، منها 200 نقطة في اجتماع فبراير و 600 نقطة في اجتماع مارس، ليصل إجمالي الارتفاع في أسعار الفائدة 19% منذ مارس 2022.
وتوقع محمد البيه الخبير المصري اتجاه المركزي إلى تثبيت العائد على الإيداع والاقراض، وذلك استنادًا على عدة عوامل، أولها أن معدلات التضخم شهدت ارتفاعًا قليلًا مدفوعًا باتجاه الالتزام الدولي تجاه خفض الدعم عن المواد البترولية ورغيف الخبز.
وأوضح أن المركزي يسعى إلى السيطرة على مستويات التضخم في السوق المحلية، وذلك سيكون من خلال الابقاء على المستويات الراهنة للفائدة.
وأشار إلى أن الاستثمارات الاجنبية في أدوات الدين تخطت الـ 35 مليار دولار، وهو أمر هام للاقتصاد تسعى دائمًا الدولة بشقيها المالي والنقدي في الحفاظ على تلك السيولة الدولارية، إضافة إلى تمويل الاحتياجات الاستيرادية للدولة.
وأوضح أن التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة قد يكون لها تأثير على بعض المنتجات منها البترول أو حتى حركة النقل، والتي من المحتمل أن ينتج عنها تضخم مفاجئ لذلك يجب أن يحطاط المركزي بمستويات فائدة مناسبة.
من ناحيته قال محمد عبد العال الخبير المصرفي إن اجتماع لجنة السياسة النقدية يأتي في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية، تكاد تكون مشابهة للأوضاع التى تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد دون تغير فى الاجتماعات السابقة.
- سيناريوهان لقرار المركزي
ووضع عبد العال افتراضين يميل إليهم الاقتصاديون حول مصير سعر الفائدة اليوم أولهما التخفيض، وهذا القرار مستندًا على إعلان البنك المركزى الأمريكى وبعض البنوك الأوروبية بالبدء في التحول من السياسة النقدية التقييدية إلى السياسة النقدية التيسيرية، إذا حولت أهدافها من احتواء التضخم إلى استهداف النمو والتوظيف.
وأشار عبد العال إلى أن الأونة الأخيرة شهدت خفضًا تدريجيًا لمعدلات التضخم، الأمر الذى قد يوحى بأن المركزي سيميل إلى التحول الى سياسة نقدية تيسيرية محفزة للنمو الاقتصادى بعد أن اطمأن إلى اتجاه معدل التضخم للانحسار التدريجى.
ويرى عبد العال أن الافتراض الأول، الذي استند عليه بعض الخبراء والمحللين قد لا يكون مؤثرا بشكل مباشر على قرار اللجنة فى المرحلة الحالية.
وتابع عبد العال: "علينا التوجس من عدة عوامل هامة يتعين أن تكون مؤثرة فى فى توجهات تغيرات اسعار الفائدة المستقبلية، أولهما المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة، والمشتعلة فى منطقة الشرق الاوسط، فمن المؤكد ان يكون لها تداعيات على خطوط الامداد وبالتالى ارتفاع الاسعار".
وأشار إلى ثاني تلك الضغوط هي القائمة علينا من صندوق النقد الدولى باهمية الاستمرار فى اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجه التضخم، إضافة إلى خطة الدولة لترشيد الدعم وما يمكن ان يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة محتملة
وذكر عبد العال أن الاتجاه الأغلب فى ضوء الاوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ورغم التوجه العالمى فى أوروبا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج إلى خفض اسعار الفائدة، إلا أننا نتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى ابقاء اسعار الفائدة كما هى على عليه لدورة أخرى".
- عام غير مناسب لخفض الفائدة
وترى منى بدير، كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث بأحد البنوك الخاصة، أن البنك المركزي سيميل إلى الابقاء على أسعار العائد وذلك لأن مسار التضخم الصاعد بعد ترشيد دعم الطاقة والكهرباء.
وأشارت إلى أن البنك المركزي في حاجة إلى ان يعيد الثقة في قدرته على السيطرة على التضخم، لاسيما أن المعدلات الراهنة بعيد عن المستهدف.
وأشارت إلى المخاطر الجيوسياسية التي بدورها تؤثر على جاذبية العوائد في ظل مستويات التضخم المرتفعة.
وأضافت أنه على الأرجح أن العام الحالي غير مناسب لبدء التحركات في أسعار الفائدة، وذلك استنادًا على اجراءات الضبط المالي، والتقلبات في مستويات السلع الأساسية، إضافة إلى بعض القطاعات منها الأدوية التي مازالت متأثرة بأزمة نقص السيولة الدولارية.
- توازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو
وتوقعت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، أن يثبت البنك المركزي المصري سعر الفائدة في الاجتماع المقرر اليوم ، مع إمكانية تخفيضه تدريجيًا في العام المقبل.
وأرجعت زهير ذلك إلى انخفاض معدلات التضخم واتجاه البنك الفيدرالي الأمريكي للتخفيض، ومن جانبه يسعى البنك المركزي المصري إلى تحقيق توازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
فيما قالت نعمت شكرى، رئيس البحوث المالية بشركة إتش سى، إنه على الرغم من الحاجة لخفض أسعار الفائدة لتحفيز نمو الناتج المحلى الإجمالى، إلا أن لجنة السياسات النقدية ستثبت أسعار الفائدة وتؤجل هذا الخفض حتى وقت لاحق من العام.
وأشارت إلى أن مصر شهدت تحسنًا كبيرًا فى وضعها المالى الخارجى، نتيجة زيادة فائض ميزان المدفوعات للربع الرابع من السنة المالية 2023-2024، واحتفاظ القطاع المصرفى بمركز صافى أصول من العملة الأجنبية عند 9.73 مليار دولار فى أغسطس، إلا أنه انخفض بمقدار 3.54 مليار دولار على أساس شهرى متحولاً بذلك من صافى التزامات للقطاع المصرفى من العملة الأجنبية قدره 25.9 مليار دولار فى نفس الوقت من العام الماضي.
وأضافت شكرى أن التضخم قد يتسارع بنسبة 1% على أساس شهرى إلى 26.5% على أساس سنوى فى أكتوبر بسبب الزيادات فى أسعار الكهرباء للقطاعات المنزلية والتجارية والصناعية فى سبتمبر وارتفاع محتمل فى أسعار الطاقة فى أكتوبر مع اجتماع اللجنة الحكومية المسؤولة عن تسعير البنزين والسولار المقرر فى أكتوبر لمناقشة أسعار البنزين والسولار للربع الرابع من عام 2024.