توقع البنك المركزي المصري استمرار تحسن أداء ومستويات القطاع المصرفي ومؤشراته المالية مع تحسن الكفاءة في التعامل مع المخاطر المتنوعة، واستمرار الاستفادة من تطبيقات التكنولوجيا الرقمية بما يعزز الشمول المالي والانتقال إلى المجتمع غير النقدي، وذلك رغم التحديات التي يواجهها القطاع.
وأظهر تقرير الاستقرار المالي لعام 2022 الصادر منذ أيام عن البنك المركزي، توقع استمراره في متابعة المستجدات المصرفية وإصدار التعليمات التنظيمية الخاصة بها وتطوير أدوات وآليات عملية الرقابة والإشراف لاستمرار الحفاظ على قوة ومتانة القطاع والاستفادة من تطبيق نظم الرقابة المبنية على التكنولوجيا RegTech في تحسين بيئة العمل الرقابي وكفاءة الرقابة على المخاطر.
ونوه التقرير باستمرار توجيه البنوك للاستفادة منها في بناء نظم الإنذار المبكر وتقييم المخاطر والتقرير عنها، وهو ما يساهم في الحفاظ على قوة ومتانة القطاع وتعزيز الاستقرار المالي.
وأوضح التقرير أن القطاع المصرفي، المكون الأكبر للنظام المالي في العقدين الماضيين، اتسم بالصلابة المالية والقدرة على مواجهة الصدمات المختلفة ومنها التبعات السلبية الناتجة عن التطورات الجيوسياسية والاقتصادية والمالية العالمية والتي أدت إلى استمرار حالة عدم اليقين وارتفاع معدلات التضخم.
وأضاف أن تلك التطورات دفعت العديد من البنوك المركزية لاتباع سياسة نقدية تقييدية، وما ترتب عليها من ارتفاع مخاطر السوق نتيجة خروج تدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة والضغط على أسعار صرف العملات المحلية، فضلاً عن ارتفاع مخاطر الائتمان الناشئة عن الآثار غير المباشرة لارتفاع أسعار العائد.
وأشار إلى أن التطورات المصرفية العالمية أظهرت الآثار السلبية لتلك الصدمات على الاستقرار المالي من خلال إخفاق بعض البنوك، وإلى جانب ذلك تواجه الأنظمة المالية بعض المخاطر الأخرى الناشئة مثل مخاطر الأمن السبيراني والمخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وأكد التقرير أن القطاع المصرفي المصري استمر في تحقيق مؤشرات أداء مالية جيدة مع احتفاظه بمعدلات مرتفعة للملاءة المالية وللسيولة تفوق الحدود الرقابية المقررة، كما استمر القطاع في ممارسة دوره الأساسي في الاقتصاد من خلال جذب الودائع المستقرة، وتوفير الاحتياجات التمويلية لكافة القطاعات الاقتصادية والشرائح المختلفة من العملاء من شركات ومنشآت متناهية الصغر وأفراد لدعم النمو الاقتصادي، مع الاستمرار في تمويل التجارة الخارجية وتوفير متطلبات الدولة من السلع الرئيسية ومستلزمات الإنتاج والسلع الأخرى.
وعدد التقرير 5 أسباب أدت إلى تحقيق القطاع المصرفي المصري هذا الأداء، وهي:
- الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات الدولية في مجال إدارة المخاطر، حيث تم الالتزام بالإطار الرقابي لمقررات بازل 2 و3 مما مكن القطاع من تحقيق مستويات مرتفعة من الملاءة المالية لمواجهة كافة المخاطر والاحتفاظ بالدعامة التحوطية الضمان تغطية الخسائر التي قد تنشأ لديها خلال فترات الضغط أو الأزمات المالية، وبهدف الحفاظ على القاعدة الرأسمالية لها والمتطلبات الرأسمالية الإضافية للحد من مخاطر البنوك ذات الأهمية النظامية محلياً، ومخاطر التركز الفردي على مستوى كبار العملاء والتركز القطاعي، ومخاطر أسعار العائد للمراكز المحتفظ بها لغير أغراض المتاجرة.
يأتي ذلك إلى جانب إصدار التعليمات لتطوير نظم الرقابة الداخلية وإرساء مفهوم الحوكمة، بالإضافة إلى إلزام البنوك باستخدام الأسلوب المعياري بدلاً من أسلوب المؤشر الأساسي لقياس مخاطر التشغيل، وذلك في إطار إصلاحات بازل 3 (مرحلة ما بعد الأزمة)، حيث يجمع بين كل من مؤشر قائم على القوائم المالية للبنك والمتمثل في مؤشر الأعمال وخسائر التشغيل التاريخية للبنك مما ينتج عنه إطار أكثر حساسية للمخاطر كما يتم حالياً إعداد التعليمات الرقابية الخاصة بمختلف الموضوعات الأخرى وفقاً لإصلاحات بازل 3، وبما يتماشى مع آخر المستجدات التي تطرأ في هذا الشأن.
- إلزام البنوك بإعداد خطط للتعافي بما يضمن جاهزيتها ورفع قدرتها على الاستجابة بشكل فعال لأية ضغوط اقتصادية أو مالية محتملة، وبالتالي تعزيز قدرة القطاع المصرفي ككل على التصدي للأزمات.
وتتضمن الخطة مجموعة من الافتراضات لأحداث جسيمة قد تقع في النظام المصرفي أو على البنك، بما قد يؤثر على ملاءته المالية أو سيولته أو ربحيته، وكذا الإجراءات التصحيحية اللازمة لاستعادة سلامته المالية حال تحقق أي من تلك الافتراضات، كما تم إصدار إطار عام ينظم عملية إتاحة السيولة الطارئة التي يقوم البنك المركزي من خلالها بدعم البنوك ومساندتها لمواجهة أزمات السيولة على المدى القصير بهدف احتواء الأزمات المحتملة والحد من تأثيرها، نظراً لما قد تمثله من تهديد لاستمرارية أعمال البنوك وما قد ينتج عنها من تأثير على المؤسسات المالية الأخرى.
- إصدار إجراءات عدة لتنظيم سوق الصرف، مثل تعديل ضوابط إحكام الرقابة على حصائل تصدير الذهب وضوابط استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم وتدبير العملة لأغراض السفر للخارج.
- قيام البنك المركزي بتعزيز الأمن السيبراني من خلال إنشاء قطاع مستقل له بهدف إيلاء المزيد من العناية بالمخاطر السيرانية. كما تم إطلاق أول مركز استجابة لطوارئ الحاسب الآلي للقطاع المصرفي، يمكن من خلاله الإبلاغ عن حوادث الأمن السيبراني التي تشكل تهديدا الاستقرار القطاع.
- قيام البنك المركزي المصري بدوره الرقابي والاشرافي الفعال، بالاضافة إلى الاستمرار في متابعة المخاطر النظامية، وتطبيق اختبارات الضغوط الكلية والجزئية بصورة دورية بهدف تقييم تأثير الأزمات والمخاطر المحتملة على الملاءة المالية والسيولة لدى البنوك، واتخاذ الإجراءات التصحيحية الضرورية للحد من تأثيرها على النظام المالي.